نافياً لذلك مبيناً أنهم جرؤوا على اليمين الغموس: ﴿وهم يعلمون *﴾ أي أنهم كاذبون فهم متعمدون، وذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه: «» يدخل عليكم رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان «، فدخل عبد الله بن نبتل وكان أزرق أسمر قصيراً خفيف اللحية، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» علام تشتمني أنت وأصحابك، فحلف بالله ما فعل «فقال له: فعلت. فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه»
، فنزلت.
ولما أخبر عن حالهم، أتبعه الإخبار عن مآلهم، فقال دالاًّ - كما قال القشيري - على أن - من وافق مغضوباً عليه أشرك نفسه في استحقاق غضب من هو غضبان عليه، فمن تولى مغضوباً عليه من قبل الله استوجب غضب الله وكفى بذلك هواناً وحزناً وحرماناً، معبراً بما دل على أنه أمر قد فرغ منه: ﴿أعد الله﴾ أي الذي له العظمة الباهرة فلا كفوء له، وعبر بما دل على التهكم بهم فقال: ﴿لهم عذاباً﴾ أي أمراً قاطعاً لكل عذوبة ﴿شديداً﴾ يعلم من رآه ورآهم أن ذواتهم متداعية إليه ضعيفة عنه.


الصفحة التالية
Icon