الذين يعرفون أنهم أذل الخلق بحيث يوصف كل منهم بأنه الأذل مطلقاً من غير مفضل عليه ليعم كل من يمكن منه ذل، وذلك في الدنيا والآخرة سواء كانوا فارس والروم أو أعظم منهم سواء كانوا ملوكاً كفرة كانوا أو فسقة، كما قال الحسن: إن للمعصية في قلوبهم لذلاً، وإن طقطقت بهم اللجم. ولما أنزلهم بالحضيض الأسفل، علل ذلك بما يدل على أنه سبحانه لا شريك له بإتمام كلماته بنصر أوليائه على ضعفهم وخذلان أعدائه على قوتهم لأنه سبحانه لا غيب محض لا دلالة عليه إلا بأفعاله فقال: ﴿كتب﴾ أي فعل فعل من أبرم أمراً ففرغ منه وكتبه فأوجب وحتم وقضى وبت ﴿الله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له ﴿لأغلبنَّ﴾ أكد لما لهم من ظن الغلب بالكثرة والقوة ﴿أنا ورسلي﴾ أي بقوة الجدال وشدة الجلاد، فهو صادق بالنسبة إلى من بعث بالحرب، وإلى من بعث بالحجة، وعلل هذا القهر بقوله مؤكداً لأن أفعالهم مع أوليائه أفعال من يظن ضعفه: ﴿إن الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿قوي﴾ فهو يفيض من باطن قوته


الصفحة التالية
Icon