من يظهر به ظاهر قدرته أوليائه، فإن القوي من له استقلال باطن بما يحمله القائم في الأمر ولو ضوعف عليه ما عسى أن يضاعف وحمايته مما يتطرق إلى الإجلال بشدة وبطش منبعث عن ذلك الاستقلال الباطن، وما ظهر من أثر ذلك فهو قدرة، فلا اقتدار يظهر من الخلق إلا بالاستناد إلى القوة بالله، ولا قيام بالحقيقة لباطن إلا بالله الذي بيده ملكوت كل شيء، فلذلك كان بالحقيقة لا قوي إلا هو.
ولما كان القوي من المخلوقات قد يكون غيره أقوى من غيره ولو في وقت، نفى ذلك بقوله: ﴿عزيز *﴾ أي غالب غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات، ثابت له هذا الوصف دائماً.
ولما ظهر بهذا كالشمس أن من والاه سبحانه كان فائزاً، ومن عاداه كان خاسراً، كانت نتيجته قطعاً التحذير من موالاة أعداء الله في سياق النفي المفيد للمبالغة في النهي عنه والزجر عن قربانه فقال: ﴿لا تجد﴾ أي بعد هذا البيان ﴿قوماً﴾ أي ناساً لهم قوة على ما يريدون محاولته ﴿يؤمنون﴾ أي يجددون الإيمان ويديمونه ﴿بالله﴾ أي الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى ﴿واليوم الآخر﴾ الذي هو موضع الجزاء لكل عامل بكل ما عمل، الذي هو محط الحكمة ﴿يوادون﴾


الصفحة التالية
Icon