نكالهم كما أحكمه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لتتبعن سنن من كان قبلكم» الحديث، وذلك الغدر منهم بعد أن حرضوا قريشاً على غزوة أحد ودلوهم على بعض العورات، وقال البغوي: إن كعب بن الأشرف أتى قريشاً بعد أحد في أربعين راكباً فحالفهم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل جبريل عليه السلام عليه يخبره بذلك، وقال: إنه لما قصدهم عليه السلام أرسلوا إليه أن يخرج في ثلاثين ويخرج منهم ثلاثون ليسمعوا منه، فإن آمنوا به آمن الكل، فأجابهم فأرسلوا أن الجمع كثير فاخرج في ثلاثة ليخرج ثلاثة منا، فأرسلت امرأة منهم إلى أخيها وكان مسلماً أنهم اشتملوا على الخناجر يريدون الفتك برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، وكل ما ذكر من أسباب قصتهم كما ترى دائر على المكر بل هو عين المكر.
ولما دل هذا على غاية الوهن منهم فكان موضع التعجب من الكف عن قتلهم، بين أن السبب في ذلك أمره الباهر وعزه القاهر حثاً على ما ختم به الآية السابقة من الاعتبار والتدبر والاستبصار فقال: ﴿ولولا أن كتب الله﴾ أي فرض فرضاً حتماً الملك الذي له