﴿إلى الذين نافقوا﴾ أي أظهروا غير ما أضمروا، أظهروا الخير وبالغوا في إخفاء عقائدهم بالشر مبالغة من ساجل غيره، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه، قالوا: والنفاق لفظ إسلامي لم تكن العرب تعرفه قبله، وهو استعارة من فعل الضب في نافقائه وقاصعائه، وصور حالهم بقوله: ﴿يقولون لإخوانهم﴾ أي من الموالاة بالضلالة.
ولما جمعهم في الكفر وإن افترقوا في المساترة والمجاهرة، وصف المجاهرين بنوع مساترة توجب النفرة منهم وتقضي بهلاك من صادقهم فقال: ﴿الذي كفروا﴾ أي غطوا أنوار المعارف التي دلتهم على الحق، وعينهم بما أبلغ في ذمهم من حيث إنهم ضلوا على علم فقال: ﴿من أهل الكتاب﴾ وهم بنو النضير هؤلاء، وبكتهم بكذبهم فيما أكدوا الموعد به لأنه في حيز ما ينكر من جهة أنهم لا يقدرون على المجاهرة بكفرهم فكيف بالمبارزة بالخلاف لقومهم الأنصار والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم في قولهم: ﴿لئن أخرجتم﴾ أي من مخرج ما من بلدهم الذي في المدينة الشريفة فخرجتم من غير أن تقاتلوا ﴿لنخرجن معكم﴾ فكان ما قضي به على إخوانهم من الإخراج فألاً وكل بمنطقهم.


الصفحة التالية
Icon