ولما كان من المعلوم أن للمنافقين أقارب من أكابر المؤمنين، وكان من المعلوم - أنهم يقومون عليهم في منعهم من القيام معهم نصيحة لهم وإحساناً إليهم، وكان تجويز بني النضير موهناً لذلك، قالوا مؤكدين للكون معهم: ﴿ولا نطيع فيكم﴾ أي في خذلانكم، والمعنى أنه لو فرض أنه صار أحد في القرب منكم مثل قرب المظروف من الظرف ما أطعناه في التقصير فيما يسركم ﴿أحداً﴾ أي يسألنا خذلانكم من الرسول والمؤمنين، وأكدوا بقولهم: ﴿أبداً﴾ أي ما دمنا نعيش، وبمثل هذا العزم استحق الكافر الخلود الأبدي في العذاب.
ولما قدموا في معونتهم ما كان فألاً قاضياً عليهم، أتبعوه قولهم: ﴿وإن قوتلتم﴾ أي من أي مقاتل كان فقاتلتم ولم تخرجوا ﴿لننصرنكم﴾ فالآية من الاحتباك: ذكر الإخراج أولاً دليلاً على ضده ثانياً، والقتال ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً، ومعنى الآية أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني النضير: «اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني، قد هممتم بالغدر بن وقد أجلتكم عشراً، فمن رئي بعد لك منكم ضربت عنقه» فأرسل إليهم ابن أبي بما تقدم.
ولما كان قولهم هذا كلاماً يقضي عليه سامعه بالصدق من حيث


الصفحة التالية
Icon