كونه مؤكداً مع كونه مبتدأ من غير سؤال فيه، بين حاله سبحانه بقوله: ﴿والله﴾ أي يقولون ذلك والحال أن المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿يشهد﴾ بما يعلم من بواطنهم في عالم الغيب. ولما كان بعض من يسمع قولهم هذا ينكر أن لا يطابقه الواقع، وكان إخلافهم فيه متحققاً في علم الله، أطلق عليه ما لا يطلق إلا على ما كشف الواقع عن أنه غير مطابق، فقال تشجيعاً للمؤمنين على قتالهم مؤكداً ﴿إنهم﴾ أي المنافقون ﴿لكاذبون *﴾ وهذا من أعظم دلائل النبوة لأنه إخبار بمغيب بعيدة عن العادة بشهادة ما ظننتم أن يخرجوا فحققه الله عن قريب.
ولما كان الكذب في قولهم هذا كونه إخباراً بما لا يكون، شرحه بقوله مؤكداً بأعظم من تأكيدهم: ﴿لئن أخرجوا﴾ أي بنو النضير من أي مخرج كان ﴿لا يخرجون﴾ أي المنافقون ﴿معهم﴾ أي حمية لهم لأسباب يعلمها الله ﴿ولئن قوتلوا﴾ أي اليهود من أي مقاتل كان فكيف بأشجع الخلق وأعلمهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿لا ينصرونهم﴾ أي المنافقون ولقد صدق الله وكذبوا في الأمرين معاً: القتال والإخراج، لا نصروهم ولا خرجوا معهم، فكان ذلك من أعلام النبوة، وعلم به من كان شاكاً فضلاً عن الموقنين، صدق


الصفحة التالية
Icon