وكماله، ولسواء الخلق في عام حضرة القدرة شملهم الصغر فلم يصح منهم كبر، ولا شرع لهم تكبر، فلم يكن للخلق منهم حقيقة حظ ولا لبس حق، فاختص بهذا الاسم لاستيلائه على الظواهر بإظهار ما لهم من الكبر لعدم الحاجة إلى شيء وبإلجاء غيره إلى الاحتياج إليه والإيقاع بجبابرتهم وإذلالهم وغير ذلك من الأمور المزعجة المرهبة من غير مبالاة بشيء كما اختص بالجبار لاستيلائه على البواطن.
ولما تقرر بما ذكر من مظاهر عظمته استيلاؤه على الظواهر والبواطن باللطف والعنف، أنتج ذلك تعاليه عن شوب نقص لا سيما بالشرك فقال سبحانه: ﴿سبحان الله﴾ أي تنزه الملك الأعلى الذي اختص بجميع صفات الكمال تنزهاً لا تدرك العقول منه أكثر من أنه علا عن أوصاف الخلق فلا يدانيه شيء من نقص ﴿عما يشركون *﴾ أي من هذه المخلوقات من الأصنام وغيرهما مما في الأرض أو في السماء من كبير وصغير. وجليل وحقير.
ولما تم دليل الوحدانية بما حل من التفهيم بالتدني إلى الملك ثم بالتعلي إلى التكبر فأنتج هذه الخاتمة، ابتدأ سبحانه دليلاً آخر هو في غاية التنزل والوضوح، فقال مفتتحاً بما افتتح به الأول من الترتيب في المراتب الثلاث، غيب الغيب ثم الغيب ثم الظهور على مراتبه،


الصفحة التالية
Icon