عنده أعظم من البت من غيرهم لما لهم من العظمة التي تقتضي النزاهة عما يلم بشائبة نقص، وذلك أعظم في الإيمان بالغيب لأن الوعود لا تزال بين خوف ورجاء جواباً لمن كأنه كان يقول: كيف يكون الخلاص من مثل هذه الواقعة وقد بنيت يا رب هذه الدار على حكمة الأسباب: ﴿عسى الله﴾ أي أنتم جديرون بأن تطمعوا في الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿أن يجعل﴾ بأسباب لا تعلمونها ﴿بينكم وبين﴾ أي في جميع الحد الفاصل بين المجموعين أو بين كل شخصين من الجمعين ﴿الذين عاديتم﴾ أي بالمخالفة في الدين ﴿منهم﴾ أي من هؤلاء الذين عادوكم بما تقدم بأعيانهم من أهل مكة ﴿مودة﴾ وقد جعل ذلك عام الفتح تحقيقاً لما رجاه سبحانه، وأجرى سنته الإلهية بأن من عاديته فيه جعل عاقبة ذلك إلى ولاية عظيمة، ومن تهاونت في مقاطعته فيه سبحانه أقامه لك ضداً.
ولما كان التقدير: فالله بكم رفيق، عطف عليه تذكيراً لهم بما له سبحانه من العظمة قوله ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة بالكمال: ﴿قدير﴾ أي بالغ القدرة على كل ما يريده فهو يقدر على تقليب القلوب وتيسير العسير، فلما تم الرجاء لم يبق إلا كدر الذنب


الصفحة التالية
Icon