فأتبعه تطييباً للقلوب مما نزلت هذه الآيات بسببه قوله: ﴿والله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿غفور﴾ أي محاء لأعيان الذنوب وآثارها ﴿رحيم *﴾ يكرم الخاطئين إذا أراد بالتوبة ثم بالجزاء غاية الإكرام، قال الرازي في اللوامع: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمل أبا سفيان رضي الله عنه على بعض اليمن، فلما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل فلقي ذا الحجار مرتداً فقاتله، فكان أول من قاتل على الردة، فتلك المودة بعد المعاداة.
ولما تم الوعظ والتأسية وتطبيب النفوس بالترجئة، وكان وصف الكفار بالإخراج لهم من ديارهم يحتمل أن يكون بالقوة فيعم، ويحتمل أن يكون بالفعل فيخص أهل مكة أو من باشر الأذى الذي تسبب عنه الخروج منهم، بين ذلك بقوله مؤذناً بالإشارة إلى الاقتصاد في الولاية والعداوة كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما» ﴿لا ينهاكم الله﴾ أي الذي اختص بالجلال والإكرام ﴿عن الذين لم يقاتلوكم﴾ أي بالفعل ﴿في الدين﴾ أي بحيث تكونون مظروفين له ليس شيئاً من أحوالهم خارجاً عنه،


الصفحة التالية
Icon