أفاده مجموعاً أحسن جمع مصوراً أحسن تصوير فقال تعالى: ﴿إنما ينهاكم الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة ﴿عن الذين قاتلوكم﴾ متعمدين لقتالكم كائنين ﴿في الدين﴾ ليس شيء من ذلك خارجاً عنه، لتكون العداوة في الله ﴿وأخرجوكم من دياركم﴾ أي بأنفسهم لبغضكم ﴿وظاهروا﴾ أي عاونوا غيرهم ﴿على إخراجكم﴾ ولما تناول هذا المقصودين صريحاً، وكان النهي الذي موضعه الأفعال قد علق بأعيانهم تأكيداً له، عرف بالمقصود بقوله: ﴿أن﴾ أي إنما ينهاكم عن المذكورين في أن ﴿تولوهم﴾ أي تكلفوا فطركم الأولى أن تفعلوا معهم جميع ما يفعله القريب الحميم الشفيق فتصرحوا بأنهم أولياؤكم وتناصروهم ولو كان ذلك على أدنى الوجوه - بما أشار إليه إسقاط التاء.
ولما كان التقدير: فمن أطاع فأولئك هم المفلحون، عطف عليه قوله: ﴿ومن يتولّهم﴾ أي يكلف نفسه الحمل على غير ما يدعو إليه الفطرة الأولى من المنابذة، وأطلق ولم يقيد ب «منكم» ليعم المهاجرين وغيرهم والمؤمنين وغيرهم: ﴿فأولئك﴾ أي الذين أبعدوا عن العدل ﴿هم﴾ أي خاصة لا غيرهم العريقون في أنهم ﴿الظالمون *﴾ أي العريقون في إيقاع الأشياء في غير مواضعها كمن يمشي في مأخذ الاشتقاق بسبب هذا التولي.