فقال مستأنفاً: ﴿إن﴾ أي ما ﴿هي﴾ أي هذه الأصنام ﴿إلا أسماء﴾ أي لا حقائق لها، فما ادعيتم لها من الإلهية ليس لها من ذلك إلا الأسماء، وأكد ذلك بقوله مبيناً: ﴿سميتموها﴾ أي ابتدعتم تسميتها أنتم، واجتث قولهم من أصله فقال: ﴿أنتم وآباؤكم﴾ أي لا غير بمجرد الهوى لم تروا منها آية ولا كلمتكم قط كلمة تعتدونها، وعلى تقدير أن تتكلم الشياطين على ألسنتها فأي طريقة قويمة شرعت لكم وأي كلام مليح أو بليغ وصل إليكم وأي آية كبرى أرتكموها - انتهى.
ولما علم بهذا أن الله تعالى لم يأمرهم بشيء من ذلك، صرح به نافياً أن يدل على ما وسموه به دليل فقال: ﴿ما﴾ ولما قدم في الأعراف ترك النافي للتدريج لما تقدم بما اقتضاه، نفى هنا الإفعال النافي لأصل الفعل سواء كان بالتدريج أو غيره لأن المفصل لباب القرآن فهو للمقاصد، وذلك كاف في ذم الهوى الذي هو مقصود السورة فقال: ﴿أنزل الله﴾ الذي له جميع صفات الكمال ﴿بها﴾ أي بالاستحقاق للأسماء ولا لما وسمتموها به من الإلهية، وأعرق في النفي بقوله: ﴿من سلطان﴾ أي حجة تصلح مسلطاً على ما يدعي فيها.
ولما كان هذا النفي المستغرق موجباً للخصم إيساع الحيلة في ذكر دليل على أي وجه كان، وكان هؤلاء قد أبلسوا عند سماع هذا الكلام ولم يجدوا ما يقولون ولا يجدوا، فكان من حقهم أن يرجعوا فلم يرجعوا، أعرض عنهم إيذاناً بشديد الغبن قائلاً: ﴿إن﴾ أي ما ﴿يتبعون﴾


الصفحة التالية
Icon