﴿أعلم بما اهتدى *﴾ أي ظاهراً وباطناً.
ولما كان هذا ربما أوهم أن من ضل على هذه الحالة ليس في قبضه، قال نافعاً لهذا الإبهام مبيناً أن له الأسماء الحسنى ومقتضياتها في العالم موضع «والحال أنه له» أو عطفاً على ما تقديره: فلله من في السماوات ومن في الأرض: ﴿ولله﴾ أي الملك الأعظم وحده ﴿ما في السماوات﴾ من الذوات والمعاني فيشمل ذلك السماوات والأراضي، فإن كل سماء في التي تليها، والأرض في السماء ﴿وما في الأرض﴾ وكذلك الأراضي والكل في العرش وهو ذو العرش العظيم.
ولما أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإعراض عنهم وسلاه وأعلمه أن الكل في ملكه، فلو شاء لهداهم ورفع النزاع، ولكنه له في ذلك حكم تحار فيها الأفكار، علل الإعراض كما تقدم في الجاثية في قوله: ﴿قل للذين آمنوا يغفروا﴾ [الجاثية: ١٤] بقوله: ﴿ليجزي﴾ أي يعاقب هو سبحانه كافياً لك ما أهمك من ذلك، ويجوز أن يكون التقدير: وكما أنه سبحانه مالك ذلك فهو ملكه ليحكم بجزاء كل على حسب ما يستحق، فإن الحكم نتيجة الملك ﴿الذين أساؤوا﴾ بالضلال ﴿بما عملوا﴾ أي بسببه وبحسبه إما بواسطتك وبسيوفك وسيوف أتباعك إذا أذنت لكم في القتال، وإما بغير ذلك بالموت حتف الأنف بضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، ثم بعذاب الآخرة على جميع ذنوبهم من غير أن يكون عجل لهم في الدنيا شيء ينقص بسببه عذاب الآخرة ﴿ويجزي﴾ أي يثبت ويكرم ﴿الذين أحسنوا﴾ أي على ثباتهم على الدين وصبرهم عليه وعلى أذى أعدائهم ﴿بالحسنى *﴾


الصفحة التالية
Icon