أي الثبوت الذي هو في غاية الحسن ما بعدها غاية، فإن الحسنى تأنيث الأحسن.
ولما وعد الذين وقع منهم الإحسان، وصفهم فقال: ﴿الذين يجتنبون﴾ أي يكلفون أنفسهم ويجهدونها على أن يتركوا ﴿كبائر الإثم﴾ أي ما عظم الشارع إثمه بعد تحريمه بالوعيد والحد، وعطف على ﴿كبائر الإثم﴾ قوله: ﴿والفواحش﴾ والفاحشة من الكبائر ما يكرهه الطبع وينكره العقل ويستخسّه.
ولما أفهم هذا التقييد أن من خالط ما دون كان مغفوراً له، صرح به فقال: ﴿إلا﴾ أي لكن ﴿اللمم﴾ معفو، فمن خالطه لا يخرج عن عداد من أحسن، فهو استثناء منقطع، ولعله وضع فيه ﴿إلا﴾ موضع ﴿لكن﴾ إشارة إلى الصغير يمكن أن يكون كبيراً باستهانته مثلاً كما قال تعالى ﴿وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم﴾ [النور: ١٥] واللمم هو صغار الذنوب، والمراد هنا ما يحصل منها في الأحيان كأنه وقع في صحابه فلتة بغير اختيار منه، لا ما يتخذ عادة أو يكثر حتى يصير كالعادة، قال الرازي في اللوامع: وأصله مقاربة الذنب ثم الامتناع منه قبل الفعل، قال ذو النون: ذكر الفاحشة من العارف كفعلها من غيره - انتهى. يقال: وألم بالمكان - إذا قل لبثه فيه، وقال البغوي: قال السدي: قال أبو صالح أنه سئل عن اللمم فقال: هو الرجل يلم بالذنب


الصفحة التالية
Icon