إيمانه معرضاً عن الأعمال الصالحة.
ولما كان هذا - وقد وقع في خطر عظيم من إفساد العمل في الماضي وتركه في المستقبل فصار على خطأ عظيم في أحدهما - يتعلق بأصل الدين: الكفر والإيمان، وكان مثل هذا لا يفعله عاقل بنفسه إلا عن بصيرة، قال تعالى موبخاً له مقرعاً: ﴿أعنده﴾ أي خاصة ﴿علم الغيب﴾ أي كله بحيث لا يشاركه في مشارك يمكن أن يخفى عليه شيء منه ﴿فهو﴾ أي فيتسبب عن ذلك أنه ﴿يرى *﴾ أي الرؤية الكاملة فيعلم جميع ما ينفعه فيرتكبه وجميع ما يضره فيجتنبه ويعلم أن هذا القليل الذي أعطاه قد قبل وأمن به من العطب فاكتفى به.
ولما كان الغبي قد يظن أن عمل غيره ينفعه، عبر عنه جامعاً للوعظ والتهويل بقوله: ﴿أم لم ينبأ﴾ أي يخبر إخباراً عظيماً متتابعاً ﴿بما في صحف موسى *﴾ أي التوراة المنسوبة إليه بإنزالها عليه وكذا ما يتبعها من أسفار الأنبياء الذين جاؤوا بعده بتقريرها.
ولما قدم كتاب موسى عليه السلام لكونه أعظم كتاب بعد القرآن مع أنه موجود بين الناس يمكن مراجعته، قال: ﴿وإبراهيم﴾ ومدحه بقوله دالاً بتشديد الفعل على غاية الوفاء: ﴿الذي وفى﴾ أي أتم ما أمر به وما امتحن به وما قلق شيئاً من قلق، وكان أول من هاجر قومه وصبر على حر ذبح الولد وكذا على حر النار ولم يستعن بمخلوق، وخص هذين النبيين لأن المدعين من بني إسرائيل اليهود


الصفحة التالية
Icon