في هذه السورة أن أهل الأرض كلهم قريبهم وبعيدهم وثنيهم وكتابيهم مطبقون على عداوة أهل هذا الدين وكان كثيراً ما يأمرهم بالصبر على أذاهم اشتد تشوّف النفوس إلى أنه هل بعد هذا الكف من فعل، فأشار إلى أنه سيأمر بعد الصبر على أذى اللسان بالصبر على جلاد السيف والسنان أمراً عاماً فقال عاطفاً هذا النهي على الأمر بالصبر، أي اصبروا الآن على هذا الأذى ثم اصبروا إذا أمرتكم بالجهاد على وقع السيوف واقتحام الحتوف وفقد من يقتل منكم ولا تصفوهم بالموت، ولعله فاجأهم بما تضمنته هذه الآية توطيناً لهم على القتل في سبيله وكان استشرافهم إلى الحرب قد كثر وبشرهم بأن القتيل فيه حي وإن رئي ميتاً تسلية لهم عن هذا الحادث العظيم والخطب الجسيم.
ولما كان من شأن الطين الذي منه البشر وما تولد منه أن لا يخلص عن الشوائب إلا بعد معاناة شديدة، ألا ترى أن الذهب أصفاه وهو لا يخلو عن الغش ولا يعرى عما خالطه من الدنس إلا بالامتحان بشديد


الصفحة التالية
Icon