رحمة لأمته تارة لطلب رضاهم وأخرى رغبة في هداهم، لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغ في تهذيب أخلاقه مع ما طهره الله به من نزاهتها عن كل دنس حتى ضيق عليها بالامتناع عن بعض ما أبيح له حفظاً لخاطر الغير، فقال تعالى منادياً له بأداة البعد وهو أقرب أهل الحضرة مع أنها معدة لما يكون ذا خطب جليل ومعنى جسيم جليل، وفيها إيماء إلى تنبيه الغير وإسماعه إرادة لتأديبه وتزكيته وتهذيبه: ﴿يا أيها النبي﴾ مخاطبة بالوصف الذي يعلم بالعصمة ويلائمه أشد الملاءمة خلو البال وسرور القلب وانشراح الصدر لأنه للتلقي عن الله تعالى فيحث كل سامع على البعد عن كل ما يشوش عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدنى تشويش ﴿لم تحرم﴾ أي تفعل فعل المحرم بمنع نفسك الشريفة ﴿ما أحل الله﴾ أي الملك الذي لا أمر لأحد معه ﴿لك﴾ بالوعد لبعض أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بالامتناع من شرب العسل الذي كان عند حفصة أو زينب رضي الله عنهما والامتناع من ملامسة سريتك مارية رضي الله تعالى عنها فتضيق على نفسك لإحسان العشرة مع نسائك رضي الله عنهن أجمعين، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشرب عسلاً عند حفصة بنت عمر أو زينت بنت جحش رضي الله عنهما على اختلاف