﴿حديثاً﴾ ليس هو من شأن الرسالة ولو كان من شأنها لهم به وأعلنه ولم يخص به ولا أسره وذلك هو تحريم مارية رضي الله عنها ووعده بأن يترك العسل وبشارته بولاية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يبين الحديث ويفصله إكراماً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحفظاً لسره لأن العادة جارية بأن الإنسان لا يحب تفصيل سره وإن كنا اطلعنا عليه بعد ذلك لنتأسى به فيما فيه من الأحكام، فإن أحواله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلها أحكام لنا إلا ما اختص به وأشار إلى قرب زمن إفشائه من زمن التحديث بالفاء في قوله تعالى: ﴿فلما نبأت﴾ أي أخبرت إخباراً عظيماً جليلاً لشرفه في نفسه ولأنه من عند الله وبالغت في ذلك وأخبرت ﴿به﴾ كله من جميع وجوهه، وجعل ذلك في سياق حكاية لأنه أستر لحرمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث لم يقل: فنبأت به ولا قال: أساءت بالإنباء به، ونحو ذلك مما يفهم أنه مقصود بالذات ﴿وأظهره الله﴾ أي أطلعه الملك الذي له الإحاطة بكل شيء ﴿عليه﴾ أي الحديث بأنه قد أفشى مناصحة له في إعلامه بما يقع في غيبته ليحذره إن كان شراً ويثيب عليه إن كان خيراً ﴿عرف﴾ أي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي أسر إليها ﴿بعضه﴾ وهو أمر الخلافة عتاباً لها عليه لأنه كان أوصاها أن لا تظهره، والكف عن بعض العتب أبعث على حياء