إيجاب العمل الظن فيكون حينئذ تعليلاً لإعطاء الكتاب باليمين، وفيه تبكيت للكفار ونداء عليهم بأنهم لم يصلوا في هذا الأمر المحقق إلى مرتبة الظن، فكيف بالمحقق من العلم فأهملوا العمل له فخالفوا.
ولما كان تقدير هذا واضحاً، سبب عند ما تأثر عن الحساب اليسير من إعطاء الثواب فقال: ﴿فهو في عيشة﴾ أي حالة من العيش.
ولما كان الرضى بالشيء لا يكون إلا إذا بلغ نهاية السؤل وغاية المأمول، قال مسنداً الرضا إلى العيشة كناية عن رضا صاحبها على الوجه الأبلغ: ﴿راضية *﴾ أي ثابت له الرضا ودائم لها لأنها في غاية الحسن والكمال، والعرب لا تعبر عن أكثر السعادات بأكثر من العيشة الراضية بمعنى أن أهلها راضون بها، والمعتبر في كمال اللذة الرضى أو أنه لو كان للعيشة عقل لرضيت لنفسها بحالتها.
ولما شوق سبحانه إلى حال صاحب هذه العيشة، وكانت أمراً إجمالياً، فصلها وبينها بالإبدال منها زيادة في التشويق فقال: ﴿في جنة﴾ أي بساتين جامعه لجميع ما يراد منها.
ولما كان شرف المسكن العلو قال: ﴿عالية *﴾ أي في المكان والمكانة والأبنية والدرجات والأشجار وكل اعتبار.


الصفحة التالية
Icon