فرقاً متفرقة أهواؤها، جمع قدة وهي الفرقة من الناس هواها على غير هواهم، من القد وهو القطع الموجب للتفرق العظيم مثل السيور التي تقطع من الجلد وقد منه بحيث تصير كل فرقة على حدتها، قال الحسن والسدي: كافرين ومسلمين ورافضة ومعتزلة ومرجئة وغير ذلك مثل فرق الإنس.
ولما دلوا على قهرهم عما كانوا يقدرون عليه من أمر السماء بما ذكروا، وعلى قهر مفسديهم بهذا القرآن عن كثير مما كانوا يفعلونه بأهل الأرض، فقهروا بهذا القرآن العظيم الشأن في الحقيقة عن الخافقين فمنعنا منهم وحفظاً به، ودلوا على أنهم موضع القهر بالتفرق، كان ذلك موجباً للعلم بشمول قدرته تعالى حتى لا يدركه طالب، ولا ينجو منه هارب، لما أبدى لهم من شؤون عظمته وقهره في الحراسة وغيرها، فذكر سبحانه ما أثر ذلك عندهم من الاعتراف والإذعان للواحد القهار، فقال حاكياً عنهم ذلك ندباً إلى الاقتداء بهم في معرفة النفس بالعز والذل والضعف بالتفرق والانقسام، ومعرفة الرب سبحانه بالقدرة الكاملة والسلطان والعظمة بالتفرد التام الذي لا يقبل المماثلة ولا القسمة: ﴿وإنا﴾ أكدوا لظن الإنس في قوتهم غير ما هو لها ﴿ظننا﴾ أطلقوا الظن على العلم إشارة إلى أن العاقل ينبغي له أن يجتنب ما يخيله ضاراً ولو بأدنى أنواع الحيل فكيف إذا تيقن