أن يكون ذكر الجهتين دلالة على الكل وخصهما لأن العدو متى أعريت واحدة منهما أتى منها، ومتى حفظت لم يأت من غيرها، لأنه يصير بين الأولين والآخرين ﴿رصداً *﴾ أي حرساً من جنوده يحرسونه ويحفظونه بحفظ ما معه من الغيب من اختطاف الشياطين أو غيرهم لئلا يسترقوا شيئاً من خبره - قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقال مقاتل وغيره رضي الله عنهما: يخبرونه بمن أنكره بأن يحذروه منه إن كان شيطاناً أو يأمروه بالسماع منه إن كان ملكاً، وذلك أن إبليس كان يأتي الأنبياء في صورة جبريل عليه السلام ولكن الله عصمهم منه.
ولما كان هذا الدأب من الحفظ في كل رسول بين الغاية جامعاً تعييناً لما اقتضاه الجنس، وبياناً لأن الأفراد أولاً مراد به الجمع، وأنه ما عبر به إلا لتشمل الحراسة كل فرد منهم فقال: ﴿ليعلم﴾ أي الله علماً كائناً واقعاً على هذه الصفة التي تعلق بها علمه في الأزل قبل وجودها بما لا يعلمه إلا هو سبحانه أنها ستكون ﴿أن﴾ أي إن الرسل عليهم الصلاة والسلام ﴿قد أبلغوا﴾ أي إلى من أرسلوا إليه