فالتعبير بثم يفهم أن من استمر طول عمره على الإيمان ثم كفر قبل موته بلحظة كان له هذا الذم فقال: ﴿ثم كفروا﴾ أي سراً فهابوا الناس ولم يهابوا الله. ولما كان مجرد الطبع على القلب في غاية البشاعة، كان مفهماً لبشاعة ما كان منه من الله من باب الأولى، بني للمجهول قوله: ﴿فطبع﴾ أي فحصل الطبع وهو الختم مع أنه معلوم أنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه ﴿على قلوبهم﴾ لأجل اجترائهم على ما هو أكبر الكبائر على وجه النفاق حتى مرنوا على الكفر واستحكموا فيه، وكذلك من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوناً بها ﴿فهم﴾ أي فتسبب عن ذلك أنهم ﴿لا يفقهون *﴾ أي لا يقع لهم فقه في شيء من الأشياء فهم لا يميزون صواباً من خطأ ولا حقاً من باطل لأن المختوم عليه لا يصل إليه شيء ولا يخرج منه شيء.
ولما وصف سبحانه بواطنهم بما زهد فيهم لأن الإنسان بعقله كما أن المأكول بشكله، وكانت لهم أشكال تغر ناظرها لأن العرب كانت تقول: جمال المنظر يدل غالباً على حسن المخبر، قال تعالى: ﴿وإذا رأيتهم﴾ أي أيها الرسول على ما لك من الفطنة ونفوذ الفراسة


الصفحة التالية
Icon