﴿كل صيحة﴾ أي من نداء مناد في انفلات دابة أو إنشاد ضالة، ونحو ذلك ﴿عليهم﴾ أي واقعة. ولما كان من يظن عداوة الناس له يكون هو عدواً لهم، قال نتيجة ما مضى: ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿العدو﴾ أي كامل العداوة بما دل عليه الإخبار بالمفرد الذي يقع على الجمع دون الجمع إشارة إلى أنهم - في شدة عداوتهم للاسلام وأهله وكمال قصدهم وشدة سعيهم فيه - على قلب واحد وإن أظهروا التودد في الكلام والتقرب به إلى أهل الإسلام، فإن ألسنتهم معكم إذا لقوكم، وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهو عيون لهم عليكم.
ولما بين ذلك من سوء أحوالهم سبب عنه قوله: ﴿فاحذرهم﴾ لأن أعدى الأعداء العدو المداحي الذي يكاشرك وتحت ظلوعه الداء الدوي، فإن من استشعر أنك عدو له بغى لك الغوائل، وأغلب من يعجبك قوله على هذا الوصف يكون، ولكنه يكون بلطف الله دائم الخذلان منكوساً في أكثر تقلباته بيد القهر والحرمان لسر قوله تعالى: ﴿قاتلهم الله﴾ أي أحلهم الملك المحيط علماً وقدرة محل من يقاتله عدو قاهر له أشد مقاتلة على عادة الفعل الذي يكون بين اثنين.
ولما كان حالهم في غاية العجب في صرفهم عن الإسلام أولاً


الصفحة التالية
Icon