أتاح الله غيرهم للانفاق، أو أمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعا في الشيء اليسير فصار كثيراً، أو كان بحيث لا ينفد، أو أعطى كلاًّ يسيراً من طعام على كيفية لا تنفد معها كتمر أبي هريرة وشعير عائشة وعكة أم أيمن رضي الله عنهم وغير ذلك كما روي ذلك غير مرة، ولكن ليس لمن يضل الله من هاد، ولذلك عبر في الرد عليهم بقوله: ﴿ولله﴾ أي قالوا ذلك واستمروا على تجديد قوله والحال أن للملك الذي لا أمر لأحد معه فهو الآمر الناهي ﴿خزائن السماوات﴾ أي كلها ﴿والأرض﴾ كذلك من الأشياء المعدومة الداخلة تحت مقدرة «إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون» ومن الأشياء التي أوجدها فهو يعطي من يشاء منها ما يشاء حتى من أيديهم، لا يقدر أحد على منع شيء من ذلك لا مما في يده ولا مما في يد غيره، ونبه على سوء غباوتهم وأنهم تقيدوا بالوهم حتى سفلوا عن رتبة البهائم كما قال بعضهم: إن كان محمد صادقاً فنحن شر من البهائم، أشار إلى ذلك بقوله: ﴿ولكن المنافقين﴾ أي العريقين في وصف النفاق.
ولما كان ما يساق إلى الخلق من الأرزاق فيظن كثير منهم أنهم حصلوه بقوتهم، عبر بالفقه الأخص من العلم فقال: ﴿لا يفقهون *﴾ أي


الصفحة التالية
Icon