أي بعضه والباقي للراحة بالنوم ﴿فاسجد له﴾ أي فصل له صلاتي المغرب والعشاء، وذكرهما بالسجود تنبيهاً على أنه أفضل الصلاة، فهو إشارة إلى أن الليل موضع الخضوع، وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من مزيد الكلفة والخلوص ومزيد الفضيلة لأن الالتفات فيه إلى جانب الحق أتم لزوال الشاغل للحواس من حركات الناس وأصواتهم وسائر الأحوال الدنيوية، فكان أبعد عن الرياء فكان الخشوع فيه واللذة التامة بحلاوة العبادة أوفى ﴿وسبحه﴾ أي بالتهجد ﴿ليلاً طويلاً *﴾ نصفه أو أكثر منه أو أقل، ولعله سماه تسبيحاً لأن مكابدة القيام فيه وغلبة النوم تذكر بما لله من العظمة بالتنزه عن كل نقيصة، ولأنه لا يترك محبوبه من الراحة بالنوم إلا من كان الله عنده في غاية النزاهة، وكان له في غاية المحبة.
ولما أنهى أمره بلازم النهي، علل النهي بقوله محقراً بإشارة القريب مؤكداً لما لهم من التعنت بالطعن في كل ما يذكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿إن هؤلاء﴾ أي الذين يغفلون عن الله من الكفرة وغيرهم فاستحقوا المقت من الله ﴿يحبون﴾ أي محبة تتجدد عندهم زيادتهم في كل وقت ﴿العاجلة﴾ أي ويأخذون منها ويستخفون لما حفت به من الشهوات زمناً قليلاً لقصور نظرهم وجمودهم على المحسوسات التي الإقبال عليها منشأ البلادة والقصور، ومعدن الأمراض للقلوب التي في الصدور، ومن تعاطى أسباب المرض مرض وسمي كفوراً، ومن


الصفحة التالية
Icon