وعظيم سفههم بعد أن أقسم بثلاثة أقسام، فإن نفي الإقسام بها بما ذكر من نقائصها - كالإقسام - بها مع بيان أن المقسم عليه أعظم منها بما لا يقايس: ﴿إنه﴾ أي هذا الذكر الذي تقدم في عبس بعض ما يستحق من الأوصاف الجميلة والنعوت الجليلة ﴿لقول رسول﴾ وهو جبريل عليه الصلاة والسلام نحن أرسلناه به إلى خير خلقنا وجعلناه بريداً بيننا وبينه لاقتضاء الحكمة ذلك، وهي أن يكون خلاصة الخلق ذا جهتين: واحدة ملكية يتلقى بها من الملائكة عليهم السلام لكون غيره من البشر لا يطيق ذلك، وأخرى بشرية يتلقى بها من المبعوث إليهم، ومن المعلوم أن الرسول إنما وظيفته تبليغ ما أرسل به فهو سفير محض، والذي أوحاه وإن كان قوله لكونه نطق به وبلغه من غير مشاركة شيطان ولا غيره هو قول الله من غير شك لكونه معبراً عن الصفة القديمة النفسية، ولو كان قول الرسول مستقلاً به لما كان لوصفه بالرسالة مدخل فما كانت البلاغة تقتضي ذكره بالوصف.
ولما بين بوصف الرسالة أنه ليس بقوله إلا لكونه مرسلاً به ومبلغاً له، وأنه في الحقيقة قول من أرسله، وصفه بما أفهمه الوصف مما يوجب حفظه من غير تحريف ما ولا تغيير أصلاً بوجه من الوجوه،