أهل اليمين أي الدين المرضي، ومن كان مردوداً أعطي كتابه بشماله لأنه كان في الدنيا مع أهل الشمال وهو الدين الباطل الذي يعمل من غير إذن المالك، فكأنه يفعل من ورائه، فترجم هذا الغرض بقوله سبحانه وتعالى مفصلاً للإنسان المراد به الجنس جامعاً للضمير بعد أن أفرده تنصيصاً على حشر كل فرد: ﴿فأما من أوتي﴾ بناه للمفعول إشارة إلى أن أمور الآخرة كلها قهر وفي غاية السهولة عليه سبحانه وتعالى، وفي هذه الدار للأمر وإن كان كذلك إلا أن الفرق في انكشاف ستر الأسباب هناك فلا دعوى لأحد ﴿كتابه﴾ أي صحيفة حسابه التي كتبتها الملائكة وهو لا يدري ولا يشعر ﴿بيمينه﴾ من أمامه وهو المؤمن المطيع ﴿فسوف يحاسب﴾ أي يقع حسابه بوعد لا خلف فيه وإن طال الأمد لإظهار الجبروت والكبرياء والقهر ﴿حساباً يسيراً﴾ أي سهلاً لا يناقش فيه لأنه كان يحاسب نفسه فلا يقع له المخالفة إلا ذهولاً، فلأجل ذلك تعرض أعماله فيقبل حسنها ويعفو عن سيئها.
ولما كان هذا دالاً على العفو، أتبعه ما يدل على الإكرام فقال: ﴿وينقلب﴾ أي يرجع من نفسه من غير مزعج برغبة وقبول ﴿إلى أهله﴾ أي الذين أهله الله بهم في الجنة فيكون أعرف بهم وبمنزله


الصفحة التالية
Icon