بأن يعلم أن تدبيره إلى سواه، ومن لم يعلم ذلك فليس لجنونه دواء، ومن علم أن تدبيره إلى سواء علم أن المشيئة في التدبير - إليه لا إلى نفسه، وقيل لأبي بكر الوراق: ما الدليل على الصانع؟ قال: تحويل الحالات وعجز القوة وضعف الأركان وقهر المشيئة، وفسخ العزيمة. ﴿وإذا قرىء﴾ أي من أي قارىء كان ﴿عليهم القرآن﴾ أي الجامع لكل ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم الفارق بين كل ملتبس من الحرام والحلال وغير ذلك ﴿لا يسجدون *﴾ أي يخضعون بالقلب ويتذللون للحق بالسجود اللغوي فيسجدون بالقالب السجود الشرعي لتلاوته لأنه ملك الكلام، قد أبان عن معارف لا تحصر، مع الشهادة لنفسه بإعجازه أنه من عند الله، ليس لهم في ذلك عذر إلا الجهل أو العجز، ولا جهل مع القرآن ولا عجز مع القوة والاختيار.
ولما كان هذا استفهاماً إنكارياً معناه النفي، فكان التقدير: إنهم لا يؤمنون ولا عذر لهم في ذلك أصلاً، أضرب عنه بقوله: ﴿بل﴾ ووضع الظاهر موضع المضمر تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي حملهم على التكذيب فقال: ﴿الذين كفروا﴾ أي ستروا مرائي عقولهم الدالة على الحق ﴿يكذبون *﴾ أي بالقرآن وبما دل عليه من


الصفحة التالية
Icon