كل ما فيه حق مع منازعتهم في ذلك كله، اقتضى الحال الإقسام على حقيته فقال: ﴿والسماء﴾ أي التي كان المطلع الإقسام بها ووصفها بما يؤكد العلم بالعبث الذي الذي هو منبع العلوم والتقوى فعليه مدار السعادة فقال: ﴿ذات الرجع *﴾ التي ترجع بالدوران إلى الموضع الذي ابتدأت الدوران منه فترجع الأحوال التي كانت وتصرمت من الليل والنهار والشمس والقمر والكواكب والفصول من الشتاء وما فيه من برد ومطر، والصيف وما فيه من حر وصفاء وسكون وغير ذلك والنبات بعد تهشمه وصيرورته تراباً مختلطاً بتراب الأرض وترجع الماء على قول من يقول: إن السحاب يأخذه من البحر ويعلو به فيعصره في الهواء ثم يرده إلى الأرض - وغير ذلك من الأمور الدال كل منها قطعاً على أن فاعل ذلك قادر على إعادة كل ما فني كما كان من غير فرق أصلاً.
ولما ذكر الأمر العلوي بادئاً به لشرفه، أتبعه السفلي فقال تعالى: ﴿والأرض﴾ أي مسكنكم الذي أنتم ملابسوه ومعانوه كل وقت وملامسوه ﴿ذات الصدع *﴾ أي التي تتصدع وتنشق فيخرج منها النبات