هذا المعنى معبراً عنه بجميع جهاته الأربع في ابتداء سور أربع استيعاباً لهذه الكلمة الحسنى الشريفة من جميع جهاتها. فابتدأ سورة الإسراء التي هي سورة الإحسان ب «سبحان» المصدر الصالح لجميع معانيه إعلاماً بأن هذا المعنى ثابت له مطلقاً غير مقيد بشيء من زمان أو غيره، ثم ثنى بالماضي في أول الحديد والحشر والصف تصريحاً بوقوع ما أفهمه المصدر في الماضي الذي يشمل أزل الآزال إلى وقت الإنزال، ثم ثلث في أول الجمعة والتغابن بالمضارع لأن يفهم مع ما أفهم المصدر والماضي دوام التجدد، فلما تم ذلك من جميع وجوهه توجه الأمر فخصت به سورته، وقد مضى في أول الحديد والجمعة ما يتمم هذا.
ولما كان الإبداع أدل ما يكون مع التنزه على الكمال لا سيما النور الذي هو سبب الانكشاف والظهور، مع أنه تفصيل لقوله «مم خلق» وهو أدل شيء على البعث المذكور «في يوم تبلى السرائر» قال مبيناً للفاعل الذي أبهمه لوضوحه في «مم خلق» مرغباً في الفكر في أفعاله سبحانه وتعالى الذي هو السبب الأقرب للسعادة بالدلالة عليه بما له من الجائزات بعد الترغيب في الذكر الذي هو المهيىء للفكر: ﴿الذي خلق﴾


الصفحة التالية
Icon