على الخلق، ولما يعلم من نصبهم للعداوة، هون أمرهم عليه وحقر شأنهم لديه بوعده بالكفاية بقوله مستأنفاً منبهاً على أسباب الهلاك التي أعظمها الغرور وهو شبهة زوجتها شهوة: ﴿ذرني﴾ أي أتركني على أي حالة اتفقت ﴿ومن﴾ أي مع كل من ﴿خلقت﴾ أي أوجدت من العدم وأنشأت في أطوار الخلقة، حال كونه ﴿وحيداً *﴾ لا مال له ولا ولد ولا شيء، وحال كوني أنا واحداً شديد الثبات في صفة الوحدانية لم يشاركني في صنعه أحد فلم يشكر هذه النعمة بل كفرها بالشرك بالله سبحانه القادر على إعدامه بعد إيجاده.
ولما كان المطغى للإنسان المكنة التي قطب دائرتها المال قال: ﴿وجعلت له﴾ أي بأسباب أوجدتها أنا وحدي لا حول منه ولا قوة بدليل أن غيره أقوى منه بدناً وقلباً وأوسع فكراً وعقلاً وهو دونه في ذلك ﴿مالاً ممدوداً *﴾ أي مبسوطاً واسعاً نامياً كثيراً جداً عاماً لجميع أوقات وجوده، والمراد به كما يأتي الوليد بن المغيرة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان له بين مكة والطائف إبل وحجور ونعم وجنان وعبيد وجوار.