ولما كان أول ما يمتد إليه النفس بعد كثرة المال الولد، وكان أحب الولد الذكر، قال: ﴿وبنين﴾ ولما كان الاحتياج إلى فراقهم ولو زمناً يسيراً شاقاً، وكان ألزمهم له وأغناهم عن الضرب في الأرض نعمة أخرى قال: ﴿شهوداً *﴾ أي حضوراً معه لغناه عن الأسفار بكثرة المال وانتشار الخدم وقوة الأعوان، وهم مع حضورهم في الذروة من الحضور بتمام العقل وقوة الحذق، فهم في غاية المعرفة بما يزيدهم الاطلاع عليه حيثما أرادهم وجدهم وتمتع بلقياهم، ومع ذلك فهم أعيان المجالس وصدور المحافل كأنه لا شاهد بها غيرهم، منهم خالد الذي من الله بإسلامه، فكان سيف الله تعالى وسيف رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما كان هذا كناية عن سعة الرزق وعظم الجاه، وكان من بسط له في المال والولد والجاه تتوق نفسه إلى إتمام ذلك بالحفظ والتيسير، قال مستعطفاً لما كان هكذا بالتذكير بنعمه: ﴿ومهدت﴾ أي بالتدريج والمبالغة ﴿له﴾ أي وطأت وبسطت وهيأت في الرئاسة بأن جمعت له إلى ملك الأعيان ملك المعاني التي منها القلوب، وأطلت عمره، وأزلت عنه موانع الرغد في العيش، ووفرت أسباب الوجاهة له حتى دان لذلك الناس، وأقام ببلده مطمئناً يرجع إلى رأيه الأكابر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: