وسعت له ما بين اليمن إلى الشام فأكملت له من سعادة الدنيا ما أوجب التفرد في زمانه من أهل بيته وفخذه بحيث كان يسمى الوحيد وريحانة قريش فلم يزع هذه النعمة العظيمة: وأكد ذلك بقوله: ﴿تمهيداً *﴾.
ولما كان قد فعل به ذلك سبحانه، فأورثته هذه النعمة من البطر والاستكبار على من خوله فيها ضد ما كان ينبغي له من الشكر والازدجار، قال محققاً أنه سبحانه هو الذي وهبها له وهو الواحد القهار، مشيراً بأداة التراخي إلى استبعاد الزيادة له على حالته هذه من عدم الشكر: ﴿ثم﴾ أي بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسولنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يطمع﴾ أي بغير سبب يدلي به إلينا مما جعلناه سبب المزيد من الشكر: ﴿أن أزيد *﴾ أي فيما آتيته من دنياه أو آخرته وهو يكذب رسولي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما كان التقدير: إنه ليطمع في ذلك لأن المال والجاه يجران الشرف والعظمة بأيسر سعي، هذا هو المعروف المتداول المألوف، استأنف زجره عن ذلك بمجامع الزجر: علماً من أعلام النبوة، وبرهاناً قاطعاً على صحة الرسالة، فقال ما لا يصح أن يقوله غيره سبحانه


الصفحة التالية
Icon