من مواصل وليس بواصل، قال نافياً لكل ترك: ﴿وما قلى *﴾ أي وما أبغضك بغضاً ما، وحذف الضمير اختصاراً لفظياً ليعم، فهو من تقليل اللفظ لتكثير المعنى، وذلك لأنه كان انقطاع عنه الوحي مدة لأنهم سألوه عن الروح وقصة أهل الكهف وذي القرنين فقال: «أخبركم بذلك غداً»، ولم يستثن، فقالوا: قد ودعه ربه وقلاه، فنزلت لذلك، ولما نزلت كبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان التكبير فيها وفيما بعدها سنة كما يأتي إيضاحه وحكمته آخرها، وقد أفهمت هذه العبارة أن المراتب التقريبية أربع: تقريب بالطاعات ومحبة وهي للمؤمنين، وإبعاد بالمعاصي وبغض وهي للكفار، وتقريب بالطاعات مخلوط بتبعيد للمعاصي وهي لعصاة المؤمنين، وإعراض مخلوط بتقريب بصور طاعات لا قبول لها وهي لعباد الكفار.
وقال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير: لما قال تعالى: ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ [الشمس: ٨] ثم أتبعه بقوله في الليل: ﴿فسنيسره﴾ [الليل: ٧ - ١٣] وبقوله: ﴿إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى﴾ [الليل: ٧ - ١٣]، فلزم الخوف واشتد الفزع وتعين على الموحد الإذعان للتسليم والتضرع في التخلص والتجاؤه إلى السميع العليم، أنس تعالى أحب عباده إليه وأعظمهم منزلة لديه، وذكر له


الصفحة التالية
Icon