التي فطر الناس عليها أنه المتفرد بالكمال، وأنه الفاعل بالاختيار لنسمه الكوائن بأضدادها، وقد أجرى سنته القديمة سبحانه وتعالى بأن الفرج مع الكرب، فلما قاسى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما ذكر في الضحى من اليتم الشديد وضلال قومه العرب خاصة كلهم الذين ألهمه الله تعالى مخالفتهم في أصل الدين بتجنب الأوثان، وفي فرعه بالوقوف مع الناس في الحج في عرفة موقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ومن العيلة ما لم يحمله أحد حتى كان بحيث يمتن سبحانه وتعالى عليه بإنقاذه منه في كتابه القديم وذكره الحكيم، وكان مع تحمل ذلك قائماً بما يحق له من الصبر ويعلو إلى معالي الشكر «فيحمل» - كما قالت الصديقة الكبرى خديجة رضي الله تعالى عنها - «الكَلَّ، ويقري الضيف، ويصل الرحم، ويعين على نوائب الحق».
ثم حمل أعباء النبوة فكان يلقى من قومه من الأذى والكرب والبلاء ما لم يحمله غيره، بشره الله تعالى بأنه ييسر له جميع ذلك ويلين قلوبهم فيظهر دينه على الدين كله، ويغني أصحابه رضي الله عنهم بعد عيلتهم، ويكثرهم بعد قلتهم، ويعزهم بعد ذلتهم، ويصير هؤلاء المخالفون له أعظم الأعضاد، وينقاد له المخالف أتم انقياد، ويفتح له أكثر البلاد، ليكون هذا العطاء في اليسر بحسب ما كان وقع


الصفحة التالية
Icon