وأنه سبحانه وتعالى قادر على اختراع عالم آخر وثالث متفاوتة بالصغر والكبر، وعلى كل ممكن، وعرف أن الممكن هو المقدور عليه، وأنه يرجع إلى المقدور عليه أيضاً ممكن، وعرف الممتنع بانه إثبات الشيء مع نفيه، وإثبات الأخص مع نفي الأعم، وإثبات الاثنين مع نفي الواحد، وقال: وما لا يرجع إلى ذلك فهو ممكن، فدخل فيه عالم أبدع من هذا العالم - والله الموفق لما يريد.
ولما كان الإنسان مع هذه المحاسن قد سلط الله سبحانه وتعالى عليه شهوات وهيأ طبعه لرذائل وأخلاق دنيئات، وأهوية وحظوظ للأنفس مميلات، وكان أكثر الخلق بها هالكاً لتتبين قدرة الله سبحانه وتعالى، لم يستثن بل حكم على الجنس كله بها كما حكم عليه بالتقويم، فقال تعالى دالاً بأداة التراخي على أن اعوجاجه بعد ذلك العقل الرصين والذهن الصافي المستنير في غاية البعد لولا القدرة الباهرة والقوة القاسرة القاهرة: ﴿ثم رددناه﴾ أي بما لنا من القدرة الكاملة والعلم الشامل، فعطل منافع ما خلقناه له فضيع نفسه وفوّت أساب سعادته ونكسناه نحن في خلقه، فصار بالأمرين في خلقه وخلقه نفساً وهوى أو أعم


الصفحة التالية
Icon