ولما ذكر أصل الدين، أتبعه الفروع، فبدأ بأعظمها الذي هو مجمع الدين وموضع التجرد عن العوائق فقال: ﴿ويقيموا﴾ أي يعدلوا من غير اعوجاج ما، بجميع الشرائط والأركان والحدود ﴿الصلاة﴾ لتصير بذلك أهلاً لأن تقوم بنفسها، وهي التعظيم لأمر الله تعالى.
ولما ذكر صلة الخالق، أتبعها وصلة الخلائق فقال: ﴿ويؤتوا الزكاة﴾ أي بأن يحضروها لمستحقيها شفقة على خلق الله إعانة على الدين، ولكنهم حرفوا ذلك وبدلوه بطباعهم المعوجة، وتدخل الزكاة عند أهل الله في كل ما رزق الله من عقل وسمع وبصر ولسان ويد ورجل ووجاهة وغير ذلك - كما هو واضح من قوله تعالى: ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾ [البقرة: ٣ - والأنفال: - ٣].
ولما كان هذا ديناً حسناً بيناً فضلوا عنه على ما عندهم من الأدلة، زاد في توبيخهم بمدحه فقال: ﴿وذلك﴾ أي والحال أن هذا الموصوف من العبادة على الوجه المذكور الذي هو في غاية العلو والخير ﴿دين القيمة *﴾ أي الملة أو النفوس أو الكتب التي لا عوج فيها، وهو على الأول من إضافة الموصوف إلى الصفة، وعن الخليل أنه قال: هو جمع قيم، والقيم والقائم واحد، والمعنى دين القائمين لله تعالى بالتوحيد، ودل على ما قدرته في أمر المشركين بذكرهم في نتيجة ما