ولما كان المال فانياً لا ينبغي لعاقل أن يعلق أمله به فضلاً عن أن يؤثرة على الباقي، نبهه على ذلك بتهديد بليغ، فقال مسبباً عن ذلك معجباً، موقفاً له على ما يؤول إليه أمره: ﴿أفلا يعلم﴾ أي هذا الإنسان الذي أنساه أنسه بنفسه.
ولما كان الحب أمراً قلبياً، لا يطلع عليه إلا عالم الغيب، وكان البعث من عالم الغيب، وكان أمراً لا بد منه، وكان المخوف مطلق كونه، لم يحتج إلى تعيين الفاعل، فبنى للمفعول قوله مهدداً مؤذناً بأنه شديد القدرة على إثارة الخفايا، معلقاً بما يقدره ما يؤول إليه أمره من أن الله يحاسبه ويجازيه على أعماله، وأنه لا ينفعه مال ولا غيره، ولا ينجيه إلا ما كان من أعماله موافقاً لأمر ربه مبنياً على أساس الإيمان واقعاً بالإخلاص: ﴿إذا بعثر﴾ أي أثير بغاية السهولة وأخرج وفرق ونظر وفتش بغاية السهولة.
ولما كان الميت قبل البعث جماداً، عبر عنه بأداة ما لا يعقل فقال: ﴿ما في القبور *﴾ أي أخرج ما فيها من الموتى الذين تنكر العرب بعثهم فنشروا للحساب، أو من عظامهم ولحومهم وأعصابهم وجلودهم وجميع أجسامهم، وقلب بعضه على بعض حتى أعيد كل شيء منه على ما كان عليه، ثم أعيدت إليه الروح، فكان كل أحد على ما مات عليه.


الصفحة التالية
Icon