سفرين سنّهما له ولقومه سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وتبع هاشماً على ذلك إخوته، فكان هاشم يؤلف إلى الشام وعبد شمس إلى الحبشة، والمطلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس، وكان تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هذه الإخوة - أي عهودهم - التي أخذوها بالأمان لهم من ملك كل ناحية من هذه النواحي، وأفرد الرحلة في موضع التثنية لتشمل كل رحلة - كما هو شأن المصادر وأسماء الأجناس، إشارة لهم بالبشارة بأنهم يتمكنون عن قريب من الرحلة إلى أي بلد أرادوا لشمول الأمن لهم وبهم جميع الأرض بما نشره الله سبحانه وتعالى من الخير في قلوب عباده في سائر الأرض بواسطة هذا النبي الكريم الذي هو أشرفهم وأعظمهم وأجلهم وأكرمهم.
ولما كان هذا التدبير لهم من الله كافياً لهمومهم الظاهرة بالغنى والباطنة بالأمن، وكان شكر المنعم واجباً، فإذا أنعم بما يفرغ المنعم عليه للشكر كان وجوبه عليه أعظم، سبب عن الإنعام عليهم بذلك قوله: ﴿فليعبدوا﴾ أي قريش على سبيل الوجوب شكراً على هذه النعمة خاصة إن لم يشكروه على جميع نعمه التي لا تحصى لأنهم يدعون


الصفحة التالية
Icon