عن غيب الغيب إلى الغيب بكل كمال مضافاً إلى الرب تدلياً إلى مشاهدة الأفعال، وصل إلى نهاية التنزل من الخالق إلى المخلوق مخاطباً لأعلى الخلائق كلهم فأمره بما يفهم العجز عن الوفاء بحقه لما له من العظمة المشار إليها بذكره مرتين بالاسم الأعظم الذي له من الدلائل على العظم والعلو إلى محل الغيب الذي لا مطمع في دركه ما تنقطع الأعناق دونه ليفهم عجز غيره من باب الأولى، فقال معلماً بأن من كماله أن يأخذ بالذنب إن شاء ويغفر إن شاء وإن عظم الذنب، ليحث ذلك على المبادرة إلى التوبة وتكثير الحسنات وحسن الرجاء: ﴿واستغفره﴾ أي اطلب غفرانه إنه كان غفاراً إيذاناً بأنه لا يقدر أحد أن يقدره حق قدره كما أشار إلى ذلك الاستغفار عقب الصلاة التي هي أعظم العبادات لتقتدي بك أمتك في المواظبة على الأمان الثاني لهم، فإن الأمان الأول - الذي هو وجودك بين أظهرهم قد دنا رجوعه إلى معدنه في الرفيق الأعلى والمحل الأقدس الأولى، وكذا فعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: «سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» ودخل يوم الفتح مكة مطأطئاً رأسه حتى إنه ليكاد يمس واسطة الرحل تواضعاً لله سبحانه وتعالى إعلاماً لأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أن ما وقع