وحسبت من حين نزول السورة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذي الحجة سنة عشر كان ذلك مشيراً إلى انقضاء خلافة النبوة كلها بإصلاح أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، وذلك عند مضي ثلاثين سنة من موت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهر ربيع الأول سنة عشر من الهجرة لا تزيد شهراً ولا تنقصه، وإن أخذت الضمائر وحدها بارزها ومستترها دلت على فتح مكة المشرفة بعينه، فإنها - كما مضى - ثمانية وقد كان الفتح سنة ثمان من الهجرة، ومن لطائف الأسرار وبدائع الأنظار أنها تدل على السنين بحسب التفصيل، فالبارز يدل على سنة النصر والظهور على قريش لأنهم المقصودون بالذات لأن العرب لهم تبع، والمستتر يدل على ضد ذلك، وشرح هذا أنه لما كانت قد خفقت في السنة الأولى من الهجرة رايات الإسلام في كل وجه، وانتشرت أسده في كل صوب، وانبثت سراياه في كل قطر، أشار إليها التاء في ﴿ورأيت﴾ التي هي ضميره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إشارة إلى ما يختص بفهمه من البشارة. ولما كان في السنة الثانية بغزوة بدر من واضح الظفر وعظيم النصر ما هدّ قلوب الكفار، وشد قلوب الأنصار في سائر الأمصار، وأعلى لهم القدر، أشار إلى ذلك واو ﴿يدخلون﴾، ولما حصل في السنة الثالثة ما لم يخف من المصيبة في غزوة أحد التي ربما أوهمت بعض من لم يرسخ نقصاً، أشار إلى ذلك