ولا غيره ولا سبب، وإلا لكان العدول عنه إلى التعريف باللازم قاصراً، وعلى أن إلهيته على الإطلاق لجميع الموجدات، فكان شرح تلك الهوية باللازم أبلغ البلاغة وأحكم الحكمة، لأنه - مع كونه هو الحق - مشيراً إلى ما ذكر من الدقائق.
ولما ذكرت الذات التي لا سبب لها ولا مقوم من جنس ونوع وغيره أصلاً بل هي مجرد وحدة وتنزه عن تركب لا كثرة لها ولا اثنينية بوجه، وعرفها باسم جامع الأنواع السلوب والإضافات اللازمة له هو أقرب اللوازم إليها، فانشرح وجودها المخصوص على ما هو عليه، فكان ذلك تعريفاً كاملاً لأن تعريف ما لا تركب فيه باللوازم القريبة في الكمال كتعريف المركبات بمقوماتها، فإن التعريف البالغ هو أن يحصل في النفس صورة مطابقة للمعقول، وكانت الزيادة في الشرح مطلوبة لأنها أكمل لا سيما في الأمور الباطنة الخفية، أتبع ذلك باسم سلبي إشارة إلى أن النظر في هذه الدار إلى جانب الجلال ينبغي كونه أعظم، وذلك الاسم قربه من الجلالة كقربتها من الهوية، فإنه دال على الوحدة الكاملة المجردة وهو متنزل الجلالة كما أنها متنزل الهوية، وهو كما أن الجلالة لم يقع فيها شركة أصلاً قد ضاهاها في أنه لا شركة لغيره تعالى فيه عند استعماله مفرداً بمعناه الحقيقي إلا أن في النفي إشارة إلى أن كل ما عداه سبحانه عدم، فقال مكاشفاً للقلوب وللعارفين مكذباً للنصارى القائلين بالأب والابن وروح القدس، ولليهود القائلين بأنه جسم، وللمجوس الذين يقولون


الصفحة التالية
Icon