محمد بن عبد الله رسول الله أشرف الممكنات وسيدها لأنه وصل إلى أعلى مقام يمكن أن يكون لها، ولو بقي فوق ذلك مقام يمكن للممكن لنقل إليه، ولكونه أشرف كانت مكابدته أعلى المكابدات، يصبر على أذى قومه بالكلام الذي هو أنفذ من السهام، ووضع السلاء من الجزور على ظهره الشريف - نفديه بحر وجوهنا ومصون جباهنا وخدودنا - وهو ساجد، ووضع الشوك في طريقه، والإجماع على قصده بجميع أنواع الأذى من الحبس والنفي والقتل بحيث قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«ما أوذي أحد في الله ما أوذيت».
ولما أفهمت هذه الحال أن القسم إنما هو في الحقيقة به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كرر الإقسام به على وجه يشمل غيره فقال: ﴿ووالد﴾ ولما كان المراد التعجيب من ابتداء الخلق بالتوليد من كل حيوان في جميع أمر التوليد ومما عليه الإنسان من النطق والبيان وغريب الفهم وكان السياق لذم أولي الأنفس الأمارة، وكانوا هم أكثر الناس، حسن التعبير بأداة ما لا يعقل لأنها من أدوات التعجيب فقال: ﴿وما ولد *﴾ أي من ذكر أو أنثى كائناً من كان، فدخل كما مضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصار مقسماً به مراراً، وكذا دخل أبواه إبراهيم وولده إسماعيل