خلقهم فيه من الكبد وأغفل قلوبهم فحسبوا أنهم لا يقدر عليهم أحد، وقد بين سبحانه وتعالى فعله هذا بهم في قوله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه﴾ [الكهف: ٢٨] ﴿ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً﴾ [يونس: ٩٩] فأنت تشاهدهم يا محمد ذوي أبصار وآلات يعتبر بها النظار ﴿ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين﴾ فهلا أخذ في خلاص نفسه، واعتبر بحاله وأمسه، ﴿فلا اقتحم العقبة﴾ ولكن إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له - انتهى.
ولما كان الإنسان لا يفتخر بالإنفاق إلا إذا أفضى إلى الإملاق، فعلم أن مراد الإشارة إلى أن معه أضعاف ما أنفق من حيث إنه حقره بلفظ الإهلاك، إشارة إلى الثانية والثالثة من شهواته النفسية وهما إرادته أن يكون له الفخار والامتنان على جميع الموجودات، وإرادته أن يكون عنده من الأموال ما لا تحيط به الأفكار ولا تحويه الأقطار - كما يشير إليه حديث «» لو أن لابن آدم واد من ذهب «و» لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب «» علل سبحانه وتعالى جهله في حسابه


الصفحة التالية
Icon