الظواهر، وكل آية ظاهرة فمن كتاب التوراة والإنجيل كتاب إحاطة لأمر البواطن يحيط بالأمور النفسانية التي بها يقع لمح موجود الآخرة مع الإعراض عن إصلاح الدنيا بل مع هدمها، فكان الإنجيل مقيماً لأمر الآخرة هادماً لأمر الدنيا مع حصوله أدنى بلغة، وكانت التوراة مقيمة لإصلاح الدنيا مع تحصيل الفوز في الآخرة، فجمع هذان الكتابان إحاطتي الظاهر والباطن، فكان منزل التوراة من مقتضى اسمه الظاهر، وكان منزل الإنجيل من مقتضى اسمه الباطن، كما كان منزل الكتاب الجامع من مقتضى ما في أول هذه السورة من أسمائه العظيمة مع لحظ التوحيد ليعتبر الكتاب والسورة بما نبه بتنزيله من اسمه الله وسائر أسمائه على وجوه إحاطاتها انتهى وفيه تصرف؛ فأحاط هذا الكتاب إحاطة ظاهرة بأمري الظاهر والباطن بما أذن منه تصديقه للكتابين، وخصهما سبحانه وتعالى بالتنويه بذكرهما إعلاماً بعلي قدرهما.
ولما لم يكن إنزالهما مستغرقاً للماضي لأنه لم يكن في أول الزمان أدخل الجار معرياً من التقيد بمن نزلا عليه لشهرته وعدم النزاع بخلاف القرآن ﴿من قبل﴾ أي من قبل هذا الوقت إنزالاً انقضى


الصفحة التالية
Icon