ما يناسب معنى ذلك في تكلف التولي على انجذاب من بواطنهم لما عرفوه وكتموه، وصرح قوله: ﴿فريق منهم﴾ بما أفهمه ما تقدم من قوله: ﴿ليحكم بينهم﴾ فأفهم أن طائفة منهم ثابتون قائلون لحكم كتاب الله تعالى، وأنبأ قوله المشير إلى كثرة أفراد هذا الفريق ﴿وهم معرضون *﴾ بما سلبوه من ذلك التردد والتكلف، فصار وصفاً لهم بعد أن كان تعملاً، ما أنكر منكر حقاً وهو يعلمه إلا سلبه الله تعالى علمه حتى يصير إنكاره له بصورة وبوصف من لم يكن قط علمه - انتهى.
وفي هذا تحذير لهذه الأمة من الوقوع في مثل ذلك ولو بأن يدعى أحدهم من حسن إلى أحسن منه - نبه عليه الحرالي وقال: إذ ليس المقصود حكاية ما مضى فقط ولا ما هو كائن فحسب، بل خطاب القرآن قائم دائم ماض كلية خطابه في غابر اليوم المحمدي مع من يناسب أحوال من تقدم منهم، وفي حق المرء مع نفسه في أوقات مختلفة - انتهى. ثم علل اجتراءهم على الله تعالى فقال: ﴿ذلك﴾ أي الإعراض البعيد عن أفعال أهل الكرم المبعد من الله ﴿بأنهم قالوا﴾ كذباً على الله - كما تقدم بيانه في سورة البقرة ﴿لن تمسنا النار إلا أياماً﴾ ولما


الصفحة التالية
Icon