في سورة البقرة، فذكر خلق المثل المناظر له في السورة المناظرة لسورة البقرة وهي هذه السورة، فعاد توقيت هذا القول إلى غاية هذا الاصطفاء، فأنبأ عن ابتداء ما اختص منه بعيسى عليه الصلاة والسلام من قول أم مريم امرأة عمران حين أجرى على لسانها وأخطر بقلبها أن تجعل ما في بطنها نذراً، ففصل ما به ختم من اصفطاء آل عمران، ولذلك عرفت أم مريم في هذا الخطاب بأنها امرأة عمران ليلتئم التفصيل بجملته السابقة ﴿رب إني نذرت لك ما في بطني﴾ وكان نذر الولد شائعاً في بني إسرائيل إلا أنه كان عندهم معهوداً في الذكور لصلاحهم لسدانة بيت الله والقيام به، فأكمل الله سبحانه وتعالى مريم لما كمل له الرجال - كما قال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع» فذكر مريم بنت عمران عليها السلام، فكان من كمالها خروج والدتها عنها، وكان أصله من الأم التي لها الإشفاق، فكان خروجها أكمل من خروج الولد لأنها لها في زمن الحمل والرضاع والتربية إلى أن يعقل الولد أباه فحينئذ يترقى إلى حزب أبيه، ولذلك - والله سبحانه وتعالى أعلم - أري إبراهيم عليه الصلاة والسلاح ذبح ولده عند تمييزه، وخرجت امرأة عمران عن حملها وهو في بطنها حين ما هو أعلق بها -


الصفحة التالية
Icon