بل هي أعلى، لأن غاية ما تعرفه من المنذورين أن يكون كأنبيائهم المقررين لحكم التوراة، وهذه الأنثى مع ما لها من العلو في نفسها ستكون سبباً في السؤال في نبي هو أعظم أنبيائهم، وتلد صاحب شريعة مستقلة، ثم يكون مقرراً لأعظم الشرائع.
ولما تم ما قالته عند الوضع او قاله الله في تلك الحالة أتم سبحانه وتعالى الخبر عن بقية كلامها وأنها عدلت عن مظهر الجلالة إلى الخطاب على طريق أهل الحضرة، وأكدت إعلاماً بشدة رغبتها في مضمون كلامها فقال حاكيا: ﴿وإني سميتها مريم﴾ ومعنى هذا الاسم بلسانهم: العابدة. قال الحرالي: فيه إشعار بأن من جاء بشيء أو قربه فحقه أن يجعل له اسماً، ورد أن السقط إذا لم يسم يطالب من حقه أن يسميه فيقول: يا رب! أضاعوني، فكان من تمام أن وضعتها أن تسميها، فيكون إبداؤها لها وضع عين وإظهار اسم، لما في وجود الاسم من كمال الوجود في السمع كما هو في العين، ليقع التقرب والنذر بما هو كامل الوجود عيناً واسماً.
ولما كانت محررة لله سبحانه وتعالى كان حقاً أن يجري الله سبحانه وتعالى إعاذتها قولاً كما هو جاعلها معاذة كوناً من حيث هي له، وما


الصفحة التالية
Icon