كان في حمى الملك لا يتطرق إليه طريدة فقالت: ﴿وإني أعيذها بك﴾ وفي قوله: ﴿وذريتها﴾ إشعار بما أوتيته من علم بأنها ذات ذرية، فكأنها نطقت عن غيب من أمر الله سبحانه وتعالى مما لا يعلمه إلا الله، فهو معلمه لمن شاء.
ولما كان من في حصن الملك وحرزه بجواره بعيداً ممن أحرقه بنار البعد وأهانه بالرجم حققت الإعاذة بقولها: ﴿من الشيطان الرجيم *﴾ وفي هذا التخليص لمريم عليها السلام بالإعاذة ولذريتها حظ من التخليص المحمدي لما شق صدره ونبذ حظ الشيطان منه وغسل قلبه بالماء والثلج في البداية الكونية، وبماء زمزم في البداية النبوية عند الانتهاء الكوني، فلذلك كان لمريم ولذريتها بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتصال واصل؛ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، من أجل أنه ليس بيني وبينه نبي، وبما هو حكم أمامه في خاتمة يومه وقائم من قومه دينه».