قد تقدم في السورة الماضية ذكر قصة أحد التي انكشفت عن أيتام، ثم ذكر في قوله تعالى: ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ [آل عمران: ١٨٥]، أن الموت مشرع لا بد لكل نفس من وروده؛ علم أنه له بد من وجود الأيتام في كل وقت، فدعا إلى العفة والعدل فيهم لأنهم بعد الأرحام أولى من يتقى الله فيه ويخشى مراقبته بسببه فقال: ﴿وآتوا اليتامى﴾ أي الضعفاء الذين انفردوا عن آبائهم، وأصل اليتيم الانفراد ﴿أموالهم﴾ أي هيئوها بحسن التصرف فيها لأن تؤتوهم إياها بعد البلوغ - كما يأتي، أو يكون الإيتاء حقيقة واليتم باعتبار ما كان.
أو باعتبار الاسم اللغوي وهو مطلق الانفراد، وما أبدع إيلاءها للآية الآمرة بعد عموم تقوى الله بخصوصها في صلة الرحم المختتمة بصفة الرقيب! لما لا يخفى من أنه لا حامل على العدل في الأيتام إلا المراقبة، لأنه لا ناصر لهم، وقد يكونون ذوي رحم.
ولما أمر بالعفة في أموالهم أتبعه تقبيح الشره الحامل للغافل على لزوم المأمور به فقال: ﴿ولا تتبدلوا﴾ أي تكلفوا أنفسكم أن تأخذوا على وجه البدلية ﴿الخبيث﴾ أي من الخباثة التي لا أخبث منها،


الصفحة التالية
Icon